010101

أزمة تعديلات قانون الأحوال الشخصية في العراق: تحليل قانوني واجتماعي

شهد العراق في الآونة الأخيرة جدلًا واسعًا بشأن التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية، مما أدى إلى انقسامات حادة بين مختلف الأطراف الفاعلة في المجتمع. تتناول هذه المقالة الجوانب القانونية والاجتماعية لهذه الأزمة، مع إشارة خاصة إلى أزمة الحوار المتفاقمة بين الأطراف المختلفة، وضرورة النظر إليها باعتبارها أزمة مجتمعية تتطلب معالجة جادة، بالإضافة إلى بروز اهمية الى وجود اقتراح وهو تشريع قانوني مستقل لحماية الطفل في ضوء هذه التحديات.

أزمة الحوار: جرس إنذار لمجتمع يحتاج إلى إصلاحات عميقة

من اللافت للنظر أن الحوار حول تعديلات قانون الأحوال الشخصية لم يقتصر على مناقشة الأفكار والمفاهيم القانونية، بل تطور إلى صراعات تتسم بالتعنيف المعنوي، الذي يتجلى في أشكال مثل التسقيط والتكفير والمهاجمة المسبقة وافتراض سوء النوايا. هذه الظواهر تشكل مؤشرًا خطيرًا على تدهور مستوى الحوار المجتمعي، مما يجعل معالجة هذه الأزمة ضرورة ملحة..

إن النظر إلى أزمة الحوار كمشكلة مجتمعية أساسية هو الخطوة الأولى نحو تحسين المناخ العام. فالممارسات التي تعتمد على إقصاء الآخر أو الطعن في نواياه لا تعرقل فقط التوصل إلى حلول توافقية، بل تساهم في تعميق الانقسامات الاجتماعية وتعزيز ثقافة العنف والطائفية والتفرقة بين مكونات المجتمع . لذلك، يجب التعامل مع هذه الأزمة بجدية من خلال تعزيز ثقافة الحوار القائم على الاحترام المتبادل والاعتراف

بالتعددية.

مقترح ووجهة نظر تحتمل الإضافة والإثراء والنقد البناء

تشريع قانون لحماية الطفل في ظل النزاعات الأسرية

في سياق الصراعات حول التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية، يبدو أن الأطفال هم الضحية الأولى للنزاعات الأسرية المتفاقمة. من هنا ، تبرز الحاجة إلى تشريع قانون مستقل لحماية الطفل حسب وجهة نظري ، حيث يستهدف تشريع مثل هذا القانون إلى تخفيف آثار هذه الصراعات وضمان وضع مصلحة الطفل الفضلى في صدارة الأولويات وليست حماية مبعثرة ضمن نصوص مواد قانونية مختلفة

مبررات فصل قانون حماية الطفل عن قانون الأحوال الشخصية

——————————————

فصل قانون حماية الطفل عن قانون الأحوال الشخصية ليس مجرد مقترح تشريعي، بل هو ضرورة لتحقيق حماية شاملة ومستدامة لحقوق الطفل، بعيدًا عن التحديات التي تفرضها القوانين التقليدية المتأثرة بالثقافة الدينية والاجتماعية والسياسية احيانا . الأسباب التالية توضح أهمية هذا الفصل:

1- التركيز على مصلحة الطفل كأولوية: يتيح القانون المستقل توجيه كل الجهود لضمان حماية الطفل من كل أشكال الإساءة والإهمال، بغض النظر عن النزاعات الأسرية.

2- التخلص من التأثيرات الاجتماعية والاختلافات الفقهية والمذهبية في تفسير النصوص الدينية: قوانين الأحوال الشخصية تتأثر بالعوامل الثقافية والاجتهادات الفقهية ، مما قد يؤدي إلى تقويض حقوق الطفل. وجود قانون مستقل لحماية الطفل يعزز الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان مع مراعاة خلق توازن للمفاهيم والعادات والثقافة المجتمعية للبلد.

3- مرونة التشريعات: قانون حماية الطفل يمكن أن يكون أكثر قابلية للتعديل والتكيف مع التغيرات الاجتماعية، بعيدًا عن القيود التي قد تفرضها القوانين المرتبطة بالتراث الثقافي..

4- حماية شاملة تشمل جميع الأطفال: بينما تركز قوانين الأحوال الشخصية على قضايا مثل الحضانة والنفقة، يغطي قانون حماية الطفل المستقل جوانب أوسع مثل الرعاية الصحية، التعليم، الحماية من العنف، والحق في التعبير..

5- توفير آليات متخصصة لحماية الطفل: فصل القانون يتيح إنشاء محاكم وآليات قانونية متخصصة لمعالجة قضايا الأطفال، مما يضمن سرعة الاستجابة وتوفير الدعم الفوري. فمثل هذة الاضافة للمنظومة القضائية تعتبر تطور و اثراء

6- تجنب التداخلات والتعقيدات القانونية: الجمع بين قوانين الأحوال الشخصية وحماية الطفل قد يؤدي إلى تعارضات قانونية تعرقل تحقيق العدالة. فصل القوانين يوفر وضوحًا أكبر في التطبيق واستقرار القضاء الذي يعد من الاسس المهمة والجوهرية لضمان العدالة .

الخلاصة

أزمة الحوار المستمرة ليست مجرد مشكلة عابرة، بل هي مؤشر على ضرورة تطوير أساليب جديدة في التعامل مع الخلافات المجتمعية.

يأتي اقتراح تشريع قانون مستقل لحماية الطفل كخطوة جوهرية نحو حماية حقوق الأطفال على الاقل وهم الحلقة الأضعف في الصراع ، وضمان عدم تأثرهم بالنزاعات الأسرية التي تعصف بالعديد من العائلات العراقية. التشريع المستقل يوفر إطارًا أكثر شمولية ومرونة لحماية الطفل.

Comments are closed.