Haidar-Saeed

عن قانون الأحوال الشخصية ( حيدر سعيد )

في العام 2018، شاركت في ندوة في تونس، نظّمتها دورية “عمران”، التي يصدرها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وقدّمتُ ورقةً عن موقف المؤسسة الدينية الشيعية في العراق من قانون الأحوال الشخصية، الذي صدر في العام 1959، وأثار لغطًا كبيرًا ورفضًا واضحًا من هذه المؤسسة. انطلقت الورقة من السؤال المركزي الآتي: لمَ أثار هذا القانونُ المؤسسةَ الدينية، في بلد كانت أجزاء منه تعيش قدرًا عاليًا من الحريات الشخصية؟ هل يمكن اختزال فهم الأمر بما تضمنه القانونُ من مساواة الذكور والإناث في مسائل الإرث؟ أم إن الأمر أبعد من ذلك؟ ولماذا تعود هذه المؤسسة والأحزابُ الإسلامية ونخبها (ولا سيما الشيعية)، بشكل متكرر، إلى هذا القانون، محاولةً إلغاءه، أو إعادة صياغته، أو تشريع قانون موازٍ له، يحد من ولايته ومن مفاعيله ويضيّقها، أو إعادة تشكيل محاكم دينية، تؤدي الوظيفة نفسها؟ أية عقدة في هذا القانون؟ وما الذي يشكله، قانونيًا، وسياسيًا، واجتماعيًا، ودينيًا؟ الورقة لم تُنشَر، وقد تركتُها كل تلك السنوات، غير أن العودة الراهنة إلى هذا القانون حفّزتني على أن أعود، بدوري، إلى مسودات ورقتي، لاستكمال نشرها، ولاستعادة أطروحاتها الأساسية، في السجال العام الجاري. وهو ما سأفعله في النصوص اللاحقة. وفي الحقيقة، لم يكن هدفي الأساسي من الورقة تفسير مقطع محدّد من تاريخ العراق (على أهمية ذلك)، بقدر ما أنني كنت أسعى إلى دراسة مواقف النخب الإسلامية من قوانين الأسرة والأحوال الشخصية، ما يمكّننا من فهم الديناميكية العامة لهذه الحركات.

Comments are closed.