حيدر سعيد

دولة الفقهاء” بقلم الدكتور حيدر سعيد

يطمح الفقهاء للحكم ‏وهذا حقهم، وهو حق فئوي، يشبه طموح الفئات الأخرى، كالعسكر، والمثقفين، والعمّال، والتجّار، وسواها.
‏غير أنهم يخلطون طموحاتهم الفئوية بطابع قداسي، فيقدّمون أنفسهم بوصفهم آلهة، أو أشباه آلهة، أو – في أقل الأحوال – هم امتداد للمعرفة المقدسة وورثتها.
ولذلك، يجب أن يوضعوا في حجمهم الطبيعي، ويُفهموا بوصفهم بشرًا فقط، خطّائين كغيرهم، لا عصمة لهم، ولا امتياز لمعرفتهم، ‏يعرفون أشياء محدودة في موضوعات محدودة، ويجهلون الأكبر، والأكثر، والأحدث.
وبسبب انعزالهم، لا أشك بأنهم لا يعرفون شيئًا عن أغلب ما أنتجته البشرية من معرفة عظيمة في القرون الخمسة الأخيرة، لا يعرفون لغات هذه المعرفة، ولا أبستيمولوجياها، ولا منطقها.
‏لا ينبغي أن يرهبنا الصوت العالي، ونفحات القداسة المصطنعة فيه، هم ليسوا إلا بشرًا خطّائين، محدودي المعرفة. وطموحاتُ الحكم تحدّدها قواعدُ اللعبة السياسية، لا القداسة المصطنعة، ولا الصوت العالي.

Comments are closed.