شذى

التعديلات التي طرأت على قانون الأحوال الشخصية في العراق

الزواج بعمر الـ 9 سنوات و”الاستمتاع” للحصول على النفقة وحرمان الفتاة من الإرث والمرأة من الحضانة
ملخص

هناك من يعتبر أن بعض فقرات القانون الجديد قد تتعارض مع التشريعات أو الأعراف الاجتماعية السائدة، مما قد يسبب إرباكاً في التنفيذ.

أثار قانون الأحوال الشخصية الجديد في العراق والذي تمت قراءته للمرة الأولى في البرلمان قبل أيام، موجة من الانتقادات من مختلف الفئات الاجتماعية، مما يثير تساؤلات جدية حول فعاليته ومحتواه، ولا سيما في ما يتعلق ببنود القانون الخاصة بسن الزواج والنفقة والميراث.

وفي تعريف لقانون الأحوال الشخصية فإنه مجموعة قواعد قانونية تنظم علاقة الأفراد في ما بينهم، من حيث صلة النسب والزواج وما ينشأ عنه من مصاهرة وولادة وولاية وحضانة وحقوق وواجبات متبادلة، وما قد يعتريها من انحلال تترتب عليه حقوق في النفقة والحضانة والإرث والوصية.

جدل واسع وانتقادات شديدة

وتطرق الأستاذ في كلية العلوم السياسية في جامعة النهرين سلمان الأعرجي إلى أبرز السلبيات والقضايا التي أثيرت حول القانون قائلاً إن أولها عدم المساواة في الحقوق بين المرأة والرجل، إذ يعتقد بعض النقاد أن القانون الجديد لا يوفر حقوقاً كافية للمرأة، مما يعزز التمييز بين الجنسين في بعض جوانب الأسرة والميراث، وعلى سبيل المثال فهناك مخاوف من أن النساء قد لا يحصلن على حقوقهن القانونية بصورة كاملة، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الأسرية وتكريس الهيمنة الذكورية في المجتمع.

وثانيهما أن أحد أكثر البنود إثارة للجدل هو تقليص سن الزواج، فيعتقد بعضهم أن خفض سن الزواج قد يسهم في زيادة حالات الزواج الباكر، والذي يمكن أن يؤثر سلباً في صحة الأطفال المعنيين، ويعزز من قضايا الاستغلال والضغط الاجتماعي.

ويثير هذا البند قلقاً واسعاً حول تداعياته المحتملة على الفتيات الصغيرات وعلى استقرار المجتمع ككل، كما أن هناك تخوفات من أن الإجراءات الجديدة المتعلقة بالطلاق قد تكون معقدة وتؤدي إلى زيادة التوترات الأسرية، بخاصة في الحالات التي تنطوي على أطفال، وهذه التحديات القانونية والاجتماعية المحيطة بقضايا الطلاق قد تؤدي إلى تفكك أسر أكثر مما كانت عليه في السابق، مما يستدعي بحثاً أعمق حول الحلول الممكنة لتخفيف هذه الآثار السلبية.

تناقض مع القوانين القائمة

وأشار الأعرجي إلى أن بعض فقرات القانون الجديد قد تتعارض مع التشريعات الأخرى أو الأعراف الاجتماعية السائدة، مما قد يسبب إرباكاً في التنفيذ يمكن أن يؤدي إلى نزاعات بين القضاة والأطراف المتنازعة، مما يدل على الحاجة إلى تنسيق وتوحيد التشريعات لضمان تطبيق عادل ومنصف.

وكما نعلم أن العراق مجتمع متعدد الأعراق والأديان وقد لا يلبي القانون الجديد حاجات الفئات كافة، مما يمكن أن يؤدي إلى استبعاد بعض المجموعات من حقوقها، ولذا يجب النظر بعناية لخصوصيات هؤلاء والتأكد من شمولهم بالقوانين بطريقة تتناسب وثقافاتهم ومعتقداتهم لتجنب أي شعور بالتهميش أو الإقصاء.

رؤية لمستقبل القانون

ويوضح لنا الباحث الاجتماعي محمد فخري المولى رؤيته التي يقول إنه عمل عليها لأكثر من خمسة أعوام، والموضوع يتكون من شطرين رئيسين، أولهما الجانب الفقهي والديني، وفي هذا الشطر يؤكد المولى أن “أي دولة ذات طابع تعددي ديني أو طائفي لن تتمكن من وضع معيار مُلزم يرضي جميع الأطراف، فالأديان والطوائف المختلفة لها طقوسها الخاصة المتعلقة بالزواج والطلاق وغيرها من التفصيلات الأسرية، ولذا فمن غير الواقعي زج الأديان في هذه المعادلة بصورة مباشرة، لأن أتباع كل طائفة أو دين سيتشبثون بتشريعاتهم كل وفق معتقداته، وثانيهما القوانين الوضعية ودورها في تنظيم المجتمع، فالقوانين الوضعية هي تلك التي تتبناها الدولة وتنفذها الحكومات لضبط إيقاع الحياة الاجتماعية للعائلات، فعلى سبيل المثال نجد في بعض الدول تحديداً إجبارياً للنسل، وهذا ما لا نجده إلزاماً لدى الديانات والطوائف، ولذا فإن إقحام الدين في هذه الأمور يعد أمراً غير واقعي وغير عملي”.

ويطرح المولى رؤية دقيقة مفادها بأن تشريع قانون الأسرة يجب أن يتولى تنظيم وتسجيل ومتابعة الحياة الزوجية من اليوم الأول لتصديق عقد الزواج حتى نهاية المسار، سواء بالسلب أو الإيجاب، وفق ما يخدم بناء العائلة ومصلحتها ونهج الحكومة ورؤية الدولة، وعندما يتم تنظيم الأمور بهذه الطريقة فستنتهي كل هذه السجالات الإعلامية والمشكلات المحيطة بالقضايا الأسرية.

واختتم المولى حديثه بتحذير واضح من أن “المعضلة الحالية المتعلقة بالطلاق والحضانة والنفقة ستتفاقم ما لم نجد حلولاً حقيقية”.

العشائر العراقية

المعلم والأب لثلاثة أولاد، عباس هاشم الربيعي، قال “للأسف يدفع بعض الآباء ببناتهم للزواج باكراً لتكون سهلة مطواعة بيد الرجل، بحسب المقولة العراقية المشهورة: حتى يربيها على يديه، أي تعي طباع زوجها منذ الصغر، إذ يشتهر لدى العشائر إجبار الفتاة على الزواج من ابن عمها الذي تكون له الحظوة الكبرى دون سواه”.

ويذكر بحسرة أن ابنتي أخيه “تزوجتا من ابني عمهما وكانتا دون سن الـ 15 والـ 16، وبعد عامين أو أكثر عادتا مطلقتين لبيت والدهما وكل منهما تحمل طفلاً رضيعاً بأمس الحاجة الى احتضان الأبوين”.

Comments are closed.